[b]شباب بدون ثمار ( قصة التينة )[/b]

كيف لى أن أكون بعد هذا العمر معك ولم تجد فى ثمار تطعم قلبك المحتاج الى الثمار الباقية
كيف لى أن أكون بلا ثمر وبلا قيمة عندما تنظر الى شخصيتي الروحية
كيف لى أن أكون كالتينة غير المثمرة
يرى الناس من بعيد نشاطى وأفكارى
وترى أنت يا رب ما لا يسر الخاطر وما لا يرضى قلبك
ترانى مجرد شكليات
فى العبادة
فى الصلاة
فى الثمر
فى العمر
فى احتياج الآخرين منى
لا أقدم ما ينفعهم
لا يوجد عندى ما لفائدتهم
إذن لماذا أعيش
حين لا ينتفع الآخرين منى
ما قيمة الحياة وأنا لا أقدر أن أعطى الغير
ماذا أعطى الأرض التى أمتص من غذائها هى ولا أفيد الغير من ارهاقها ومن تعبها
الارض تعطينى من قوتها وتثبت جزورى فيها وأنا أظهر بمنظر جذاب رائع أمام الناس
لقد لعننى المسيح

لأننى أخفيت خصوبة أمى ( الأرض )

لقد عيروها أنها لا تنجب ( عاقراً )
فتحدت الطبيعة وقالت لها لى القدرة على الانجاب
وانجبتنى
لقد رفعت رأسها بين الطبيعة لتسكت كل أصوات تعلن على عدم شيخوختها
أمى ( الأرض ) لم تشيخ ولم تكبر
لديها التحدى
لقد انجبتنى
لقد أسكتت كل الاصوات الهادمة لقدرتها
لقد دللت على شكلى الجميل
ونشاطى فى الخدمة
وحب الناس لمنظر خضرتى
لقد قالت أن ورقى الأخضر الجميل وشبابى
سيسر المسيح حينما يأتى
لقد قالت أمى الأرض
سيشكرنى على حسن انباتى
سيشكرنى على هفيف الريح الذى يهز شعر ابنتى الشجرة فتتمايل معها الظلال يميناً ويساراً
قالت أمى الأرض تعالوا لتروا تعليق الملك السماوى على ابنتى التينة
تعالوا لتروا وتسمعوا أجمل تعليق على ابنتى
ستغار كل الأشجار من ابنتى التينة
كل أولادى رائعون
ولكن التينة ستكون غداً الأروع
سيراها السيد

وتساءلت التينة ماذا على أن أفعل يا أمى الأرض غداً
أنا خائفة
ولماذا أخاف
ألعلنى لست جميلة
أنا جميلة
أنا رائعة الجمال
بأى زاوية سيهتم السيد أن يرانى ؟!!
وانحنت التينة وقالت
أخشى أن لا يمر
اريد ان اجعله يرانى
غداً كيف لا يرانى ؟!!
وأنا هنا فى طريق المسير والمجيئ بين اورشليم وبيت عنيا
لا يوجد طريقاً آخر غير طريق أنا أُزين ملامحه
حتما سيرانى السيد
وقالت التينة لوالدتها الأرض
هل الجموع ستزدحم مثل كل مرة يمر السيد فى طريق
هل سيحجبون نظره من الرؤية
قالت الأم ( الأرض )
هو السيد: هو الذى خلقك
كيف لا يراك
فقالت التينة
هو رأنى ويرانى وسوف يرانى
فهو يرى كل الأفاق
عيناه تخترقان أستار الظلام
فكيف لا يرانى
أنا اتكلم عن انى أنا
اريد أنا أراه ويمدحنى أمام العابرين فى الطريق
فمعه تلاميذه الذين سيكتبون الأنجيل
ويكتبون أدق التفاصيل
اريد أن أدخل التاريخ
ويحكى العالم كله عنى وعن جمالى
على صفحات الإنجيل
وكل المفسرين والخدام والمتأملين سيقولون عنى أروع العبارات التى ينطقها السيد عنى
نعم يا أمى الأرض .

فقالت الأم وهل يرى السيد الأن أنك غير جميلة
استعدى يا محبوبتى للقاء السيد فى الغد
هفهفى بظلالك مع أمواج الرياح

استريحى
سيتكلم عنك

وبعد أن ساد الظلام
انتظرت التينة للغد
لقد طالت أوقات الظلام كثيراً وتساءلت
متى ستشرق الشمس ؟!!!
واستجابت الشمس حين جاء ميعادها
وبعد أن عاندتها الدقائق تلفتت شجرة التين
لماذا لم يأتى الى الآن
وفجأة سمعت صوت ضجيج الناس ودققت السمع وركزت
وقالت لريح الصباح يا عبير الصباح لا تمر فوق جزوعى ولا تهفهف فوق شعرى
اريد التركيز
فبدلاً من أن تداعبنى اذهب طمئن قلبى
هل موكب السيد هو الآتى
فذهب العبير مع أخوه نسيم الصباح وبسرعة قالا معاً
نعم هو موكب السيد

وقال نسيم الصباح للعبير
هلم ننفض عن أوراقها كل تراب أو غبار التراب
فقالت التينة
لا تلمسونى فأنا لا أحتاج منكم هذا فأنا أبدو جميلة
وحينما يمدحنى السيد
ستقولون أنكم انتم السبب
أنا جميلة بدونكم
لا أحتاج اليكم سوى أن تفسحوا المجال للسيد لكى يرانى
فغضب النسيم وغضب بشده العبير
وقالا لها
لماذا هذا الكبرياء
هو السيد: الذى يعلم الخبايا
انك فى كبرياء
وهو يشمئذ من الكبرياء والتعالى
قالت لهما
اتركانى وشأنى

واقترب الموكب
والأم ( الأرض ) قالت لها
لا تخافى الموكب ولا ترتعد أنفاسك
فأنت الجميلة والرائعة
انت من أروع الاشجار

وفجأة شعر يسوع بالجوع وقال هذه التينة الجميلة الرائعة أحتاج منها ثمارها الطيب
فارتعدت الشجرة
لا يوجد فى ثمر
أنا أهتم بجمالى وشكلى
وهذا يرهقنى
لا أشتت انتباهى فى شيئين
فلو أتيت بالثمر فستتعب جزوعى
ماذا أفعل
إما الناس تتمتع بجمالى وأغصانى الهيفاء أو بثمرى وأغصانى المنحية
واقترب السيد
وقالت فى رعشة للأرض يا أمى ماذا أفعل
قالت لها لا تخافى فليس هذا موعد الثمار فيك
سيظن الجميع هكذا
لن يركز السيد على هذا
فهو لا يحتاج الأكل
هو يطعم الكل ولا يجوع
ربما لا يقصد الجوع بمعنى الجوع
ربما سيقول شيئاً للجموع المحتشده فقط على سبيل المثال

أنفاسي ستخرج إذا غضب : قالت التينة
وسكتت الأم لقد اقترب السيد
انه بدأ يفتش
لم يجد التين
لم يجد الثمر
الجميع فى ترقب
ماذا سيفعل السيد ؟!!
الجميع ينظرون الى فمه الطاهر
لقد وقف السيد عن الكلام لثوان
وصرخت الأم
لقد أحسست أنفاس السيد من الداخل
لقد غضب
لقد غضب منى وغضب من ابنتى التينة
لقد خلقنا على غير ذلك
انتظر أن يصنع منا المسرة ولم نتوقع هذا المشهد
لقد فتح الرب والسيد فمه الطاهر باللعنة
صرخت التينة
يا أوجاع الغصون والجزوع والبراعم
ماذا بقى لى
لعننى السيد
هو يبحث عن أشياء غير الناس
يبحثون عن الخارج
وهو يبحث عن أعماق الداخل
يبحثون عن الطبيعة التى ترضيهم لأنهم أرضيين
وهو يبحث عن النتيجة وليس الكلام أو الشكل

لقد لعنك السيد يا ابنتى : هكذا قالت الأرض
وصرخت التينة وهى تتلوى
جزوعى
أغصانى
براعمى
أوراقى الجميلة
انفاسى تنسحب منى مرة واحدة
الخلايا الحية تموت فى مرة واحدة
جميع أجزائى تتألم
سامحنى قبل الموت
يا سيدى اعطنى فرصة لكى أعيش
وسمعت صوت السيد
انت كنت تعيشى لأجل نفسك
ولكن أن لم تقع حبة الحنطة فى الأرض وتمت فهى تبقى وحدها ولكن ان ماتت فهى تأتى بثمر
هكذا
لعن الرب والسيد
كل الشكليات الزائفة فى
كل كبرياء بل وكل بخل
هكذا أعلنت التينة وهى تلفظ الأنفاس الأخيرة

قالت الأم ( الأرض )
تعبت فى غذائك ولكنك لم تتعبى أنت لكى تكونى غذاء الأخرين
حتى لقد بخلت أن تخرجى للسيد الذى خلقك وجبلك أى ثمار

وبكى العبير والنسيم عليها
لقد أردنا ان نجمل قبحك
لقد أردنا أن نعلمك الاستعداد والعطاء وأصريت على البخل
حتى لمن مد كفه ( كف اليد ) الطاهر وجبلك
سنحمل أنا وعبير الصباح أنفاسك معنا
فوداعاً يا جسم الشجرة البخيله وغير المستعده
لنذهب يا نسيم الصباح لنجعل أصواتنا وصدقنا وقصة هذه الشجرة مثالاً للاستعداد
هلم نقول للقديس متى أن يستأذن السيد فى كتابة قصتها فى الأنجيل المقدس ليس انتقاماً منها
انما لكى نعلن انذاراً الهياً عن طريقها