مفيد فوزى يسجل اعتراضه على صفحة اجراس الأحد

بقلم: مفيد فوزي
العزيز محمد علي إبراهيم.. المحترم

اعتدت علي طول مشواري الصحفي ان اهرب من الخوض في الشأن القبطي وكانت لي أسبابي الوجيهة من وجهة نظري علي الأقل.
أحد هذه الأسباب أني - كمصري قبطي - سأفتقد الموضوعية وأنا انحاز لقضية لها الصفة القبطية. فاترك الأمر للكنيسة الارثوذكسية وعلي رأسها البابا شنودة بحكمته.
ثاني هذه الأسباب أني أرفض استخدام قلمي أو عدسة برنامجي في شأن قبطي لاحساسي ان رأيي "مجروح" ولن يكون بميزان الذهب. ولعل موقفي هذا محل نقد اشقائي أقباط مصر الذين يتصورون اني "أجامل" النظام بهذا الصمت. وسأقول لك ربما كان من حقهم هذا العتاب فهم يثقون ان صوتي - عبر عدسة برنامج - أو كلمتي فوق صفحة مجلة أو جريدة ربما تساهم - ولو جزئيا - في حل مشكلة.
ثالث هذه الأسباب ان "مصريتي" فوق قبطيتي ولهذا تكون رؤيتي مصرية عند اندلاع حريق الفتن التي اعتقد انها بسبب الجهل وضيق الأفق وربما كانت مدبرة من حقد كامن في الصدور داخل أو خارج مصر.
لهذا - وبكل بساطة - اترك الشأن القبطي للقيادة السياسية والكنيسة القبطية. وأضيف اني ضد قيام حزب مسيحي في مصر منتصرا لدولة مدنية وليست دولة دينية بأي حال.
وتأتي صفحة "اجراس الأحد" اقتراحك الذي دافعت عنه تحت عنوان مقالك "مصر المستقبل" ودعني أضع النقط فوق الحروف:
1- الصفحة - مهنيا - ناجحة وستجذب حتما القراء الأقباط.
2- أجراس الأحد. عنوان جذاب خصوصا انه يصدر من صحيفة قومية وليست جريدة قبطية. الشأن القبطي فيها من الألف إلي الياء.
3- صحيح ان الصفحة ليست "مسيحية" كما أكدت في مقالك "لماذا أجراس الأحد؟" ولكنها صوت الأقباط وانين الشكاوي مما يتجاوز حدود المواطنة التي تسعي أنت إليها وقد يزرع التعصب من سوء الفهم للنوايا.
4- انني لا أوافق علي هذا البث القبطي من قس عبر فضائية تدار من أمريكا وتزرع الغضب في نفوس الأقباط قبل المسلمين. أقولها بتجرد تام.
بعد ذلك اسمح لي ان أسجل اعتراضي علي فكرة "أجراس الأحد" وهو اعترض نابع من كوني مصرياً أعشق تراب هذا البلد وأشمه والثمه. تسألني - وانت المهني من رأسك لساسك كما يقولون - ما دواعي الاعتراض؟
أولا - ان الصفحة. رغم نقاء سريرتك. تمجد - من حيث لا تدري - فكرة الأقليات في وطن.
ثانيا - ان اجراس كنائس الأحد تتعانق مع آذان المساجد في تناغم إنساني دون أن نفصل أحدهما عن الآخر.
ثالثا - أرفض عبارة "جناحي الأمة" مع احترام النوايا فهي أيضا "عنصرا الأمة" مرفوضة والحقيقة هي "نسيج أمة واحدة".
رابعا - ان ظهور الصفحة في هذه الآونة يشير إلي وجود مشكلة أمام هذا النسيج ولم تكن هناك صفحة للشأن القبطي أيام جارتك أم جورج في العباسية التي كانت تعتني بجارتها المسلمة سعاد محمود "من مقالك لماذا أجراس الأحد".
أريد أن أقول أنه لا يوجد "قطبا أمه" فهذا أيضا خطأ ولكن يوجد "أمة واحدة" بكل ما تحتضن حتي البهائيين. فاحترام الآخر لايزال تحضرا غائبا بسبب أنيميا الوعي.
ولست آخذ موقفا عصبيا من "أجراس الأحد" فهي كما قلت صفحة "مهنية ذكية" مردودها عند الأستاذ أيمن النجار مدير توزيع الجمهورية ولكن مردودها المعنوي ليس كذلك. فللأقباط جريدة متخصصة في الشأن القبطي - ولا أشارك فيها مطلقا - ليس عن استعلاء ولكنه موقف فكري.
وحين أسجل اعتراضي علنا فلست أبغي التقليل من الفكرة ولكني أقول هذا واجبي واتجاهي وقصدي برفض أي شيء يغذي "الأقليات" أو الاحساس اننا - كأقباط - قطب. ان أقباط مصر يذوبون في النسيج الواحد القوي.
يا عزيزي محمد علي إبراهيم لسنا لبنان التي دمرتها الطائفية ولن نكون وان كان المتربصون لهذا البلد يتمنون مصر "لبنان" أخري.
أنني أقاوم بجنون التطرف بالإضاءة وبالإحاطة وبالنور وأخشي متطرفين مسيحيين بدعوي الحصول علي الحقوق بالقوة.
يبقي شيء واحد وهو ان مشاكل أقباط مصر - وأكره هذا التخصيص - معروفة للقيادة السياسية قبل الكنيسة القبطية. وخطوات جادة نحو الحل تهديء النفوس وتذكي روح المحبة. فالمواطنة كما افهمها هي ذلك الحلم الذي أشرت أنت إليه بحلمك لإلغاء خانة الدين من الأوراق الرسمية.
وأتمني لك مزيدا من عافية التفكير الذي أصابه "العقم" أحيانا. دعني اتفق معك واختلف بحضارة فأنا مصري يحاور مصريا. والمصري كريم العنصر يعيش علي ضفاف الوادي ويشرب من نيلها ولا يلتفت إلي كونه مسلما أو قبطيا. هذه أشياء طارئة علي مجتمعنا الغارق في الغيبيات لاغيا عقله.