الله مركز الحياة

حينما ينظر الواحد منا فجأة من أركان حجرة مظلمة لا يرى فيها أي شيء داخل جدرانها الى بصيص من النور الذي يأتيها من مصدر مضيئ خارجها سيكون حينها تركيزنا على مصدر الضوء لا الى أركان الحجرة ولا الى محتوياتها الداخلية وبعدها سندرك فعليا قيمة النور . هكذا فى وسط الحياة التى قيل عنها " وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة " يوحنا 3 : 19 حين يدركنا النور الإلهى ندرك حينها أن الله هو البؤرة الوحيدة للنور وسنشخص أنظارنا الى ما فى حجرة حياتنا من ظلام لأن النور أرانا ما فيها من محتويات وندرك حينها قيمة النظر . ففى الظلام الدامس لا يمكن أن يظهر قيمة البصر لأن العلم يقول أن عضو البصر لا يبصر فى وجود ظلام وبهذا فإن ما يجعل عضو البصر يبصر هو اختلاف المؤثرات الخارجية والوانها وأشكالها عن طبيعة هذا العضو المعتم وهكذا مكتوب عن الرب يسوع مخلصنا أنه ساكن فى نور لا يدنى منه 1 تى 6 : 16 وإذ أن سيدنا الرب المخلص هو نور العالم قائلا انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة (يو 8 : 12) (يو 9 : 5) فهو بهذا نور فى وسط ظلمة الحياة وظلمة الطبيعة الاولى الفاسدة ان تخلعوا من جهة التصرف السابق الانسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور (اف 4 : 22) وفى وسط الظلام نركز بعقولنا ونشخص بعيوننا الى مصدر النور ويصير هو مركز الحياة الخاصة بمشاعرنا التائهة التى لا تكاد الوقوف حتى تتهاوى على جسور الشر ، وبينما لا تكاد تقوم من رقاد الكسل حتى تعود الى ظلمة المتاعب الشيطانية راكعة أمام شهوة العيون شهوة الجسد تعظم المعيشة "لان كل ما في العالم شهوة الجسد و شهوة العيون و تعظم المعيشة ليس من الاب بل من العالم" (1يو 2 : 16) كما أن الله هو أيضاً مركز الحياة فى الأفعال حتى عند الملحدون فكل الأفعال التى يفعلها الانسان تجد نوعا من القبول عند صاحبها إذا كانت تتوافق مع طبيعة الله , ويشعر المرء بوخذ وتأنيب الضمير وقلق الفكر وتوهان المشاعر إذا كانت أفعاله لا تتوافق مع طبيعة الله النورانية الخيرة . وبذلك يقيس العالم كله افعالة حسب رؤية الله لها . حتى لو كان ضمير الشخص ميتاً . حتى الشخص الملحد أيضا والذى ينكر الله ووجوده . حين جعل فكره يتجول بين المعقولات خاف من وجود سلطة تعاقبة ورأى أن من مصلحته أن يبعد نفسه بالفكر أو قبول فكرة عدم وجود الله وهو بذلك يكون دون ان يدرى قد فكر فى وجود القوة التى صنعت هذا الكون وركز تفكيره فيها . وإذا لم يُمكنه العقل أو التربية أو التأثر بالفلاسفة الملحدون من إدراك الله لكنه على الأقل فكر فيه بطريق أو بآخر . الله أيضاً مركز حياة السمائيين والذين يريدون أن يكونوا من سكان السماء الى الأبد ويفضلون اقتران حياتهم به وفى مقر الإقامة الأبدية معه فى السماء . فالسماء هى مركز الأبصار والعيون والأفئدة الشاخصة الى الله فهو مركز الحياة العميقة الهادئة السماوية حيث تشبع أنظارهم ممن لا يشبعون منه ، وتشتاق نفوسهم الى الوجود فى حضرته العلوية ترجمة لمشاعر الدفئ الالهى . الله مركز الحياة الطبيعية فالفلك يدلل على أنه الصانع والنجوم تحكى عن نظامه فيها والأجرام تروى ولا يمكن أن تتوقف عن حديثها عنه . حقاً فإن السموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه ( مز 19 : 1 ) الله ايضا مركز الحب العميق لكل البشر فحين يعجزون يلتجأون الى الله ليحل مشاكلهم ويبعد عنهم كل مكروه . لقد رأت البشرية فى ابتعادها عن الله مركز الحب أنها لا يمكن أن تتعايش وفق احتياجات الجسد ومتاعب الشياطين وظروف الحياة بدون الاحساس الداخلى بأن الله - تعالى اسمه – يقف بجوارهم ويقدر محبتهم . ويبتهلون اليه فى كل آن أن يعينهم ولا يتركهم[/b]
[center]للموضوع بقية انتظرونا
دمتم فى رعاية المسيح ومحبته